17 - 07 - 2024

تباريح | اصطياد محمد جبريل

تباريح | اصطياد محمد جبريل

(أرشيف المشهد)

  • 16-7-2015 | 20:44

"سيبك من الأيادي وركز مع جبريل" عبارة تختزل المشهد الإعلامي الفاسد الذي نعيشه ، حينما يقرر "آلهة التدليس" فتح النار على أحد، سواء بإشارات من أجهزة، أو تطوعا ومرضاة للسلطة.

المشهد الذي كان يعرضه الإعلامي أحمد موسى، مشهد فاضح لرؤية عوراء، توضح التناقض بين تصرفاتنا نحن الإعلاميين، حين نريد أن نشهر وحين نريد أن نستر ونتواطأ على الحقيقة، ولسوء الحظ كانت اللقطة تجمع النقيضين .

لمن لم يروا اللقطة التي عرضها أحمد موسى، فإنها باختصار كانت محاولة للربط ما بين الداعية محمد جبريل، والداعية المحبوس صفوت حجازي، حيث كان الأول يمسك بالميكروفون ليخطب في المتجمعين بميدان التحرير، وبجانبه الثاني، المشهد نفسه ليس دليل إدانة، فالعشرات من النخبة السياسية والثقافية والفنية تشرفوا بالخطابة في الميدان خلال ايام الثورة الأولى الثمانية عشر، شدا لأزر متظاهرين كانوا يحاولون وقتها اسقاط نظام فاسد، لكن المثير في الأمر أن الإعلامي الشهير تغاضى عن شيخ معمم كان يقبل يد صفوت حجازي، ولأن هذا الشيخ لم يكن سوى مظهر شاهين، الذي يجاهر الآن بعدائه لكل ما يمت لجماعة الإخوان بصلة، وأصبح في عداد المرضي عنهم، أخذ موسى يصيح في مخرج برنامجه على الهواء طالبا منه عدم التركيز على تقبيل الأيادي، على اعتبار ان الإمساك بالميكروفون والوقوف بجوار صفوت حجازي جريمة، لكن تقبيل يده وفيها مافيها من إبداء الانقياد للشخص ليست شيئا يستحق التوقف ولا يسترعي الانتباه.

وبغض النظر عن ثلاثية حجازي وجبريل وشاهين ، فإن تعليق الإعلامي أحمد موسى يفضح حقيقة أخرى، وهي الخلط الفاضح بين عداء الإخوان والعداء لثورة 25 يناير، فالمشاركة في الثورة كانت شرفا سواء قام به الإخوان أو غيرهم، ونظام الحكم الحالي لا يستمد شرعيته إلا من ثورة 25 يناير وما اعقبها من موجة – كان يفترض انها تصحيحية في 30 يونيو 2013 – وهذا الخلط يمثل جريمة ضد الثورة يفترض أن يعاقب عليها طبقا لقانون أصدره الرئيس السيسي، ويمنع الإساءة لها . كما أن ثورة يناير بهذا "التدليس" الذي يحدث، ثورة إخوانية ، وهذا ليس حقيقيا على أي نحو، حيث أنها ثورة الشعب المصري بمختلف أطيافه ، والإخوان لم يكن حظهم منها ، إلا الالتحاق بها بعد التأكد من نجاحها ، ومن ثم فإن الايحاء بأنها ثورة إخوانية يمثل أكبر إساءة لإرادة الشعب المصري، التي تجلت في الميادين بأروع صورة . وحسب ظني فإن الجماعة لاتعاقب الآن على مشاركتها في الثورة وإنما على ركوب موجتها ومحاولة إخضاع الدولة للجماعة ، وهذا ماقاد إلى 30 يونيو.

هل بعد هذا يفترض بجماهير المتلقين أن يكونوا مع دعوات جبريل التي تم تصيدها له ، وتكييفها بحسب مراد المحرك الخفي للعاصفة التي هبت على الرجل أم يكونوا ضده ، ولماذا إذا كان الإعلام طاهرا ومنزها والسياسيون طاهرين ومنزهين ، يسود غضب عام لمجرد داعية هتف في صلاة التراويح "اللهم عليك بالإعلاميين الفاسدين  .. اللهم عليك بالسياسيين الفاسدين" ، وهل مثل هذا الغضب الجارف يعتبر إقرارا من الغاضبين بفسادهم ، لماذا تستفز السلطة من دعاء منطوقه "اللهم عليك بمن ظلمنا وسفك دماءنا ، اللهم عليك بمن اعتدى على حرمات البيوت ، اللهم عليك بمن حبس الشباب ويتم الاطفال" ، أليس ذلك تطبيقا حرفيا للمثل " يكاد المريب يقول خذوني"؟؟ هل وصل الحال بالسلطة لأن يكون الدعاء على الظالمين استفزازا لها ، فيمنع الرجل من السفر ، وتقدم ضده البلاغات ، وتنفتح في وجهه بالوعات مجاري الإعلام ؟؟

لم أكن في يوم من الأيام نصيرا لمحمد جبريل ولا لغيره من "الدعاة الجدد" الذين أعتبرهم صنيعة نظام مبارك ، لكن حتى العداء والتهم ينبغي أن يخضع لمنطق إذا كنا نريد لبلدنا هذا أن يتقدم للأمام ، لا أن ينحدر إلى "مكارثية"بشعة تحول كل من لم يكن خادما في البلاط إلى عدو ، فتلك بلاهة لا تتحملها الظروف الحالية لمصر ، وهي لا تصلح لإدارة وطن يعيش فيه أحرار ، وإنما لجيتو من العبيد.

لا تحرقوا غابة من أجل اصطياد ثعلب !!

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!